04:07 pm 20/10/2019
| رأي
| 2217
فقد أختفت الشجرة بالكامل .. ثم لاح بالآفق أحد الأغصان .. أبيض اللون ... ويشع منه نورا جميلا ... وتبدأ تتجمع الأغصان ، وتضيء جميعها.. ومن جديد؛ تظهر الشجرة كاملة بكافة غصونها وفروعها وأوراقها؛ وقد أضاءت المكان.. ويفترش نورها الليل؛ ساطعة مبهجا بروعة أنوار مختلفة ومتنوعة الألوان.. تشكل لوحة نورانية بديعة.. تابلوه ومشهد إبداعی مهيب..
ولا يتوقف الأمر هنا..!
بل فجأة ينفرج جذع الشجرة.. ومن فتحته يطل؛ ويخرج شاب وفتاة جميلة.. ويتهاديان سوية.. ويرقصان على تراتيل نغم موسیقی روحانی.. دون عازفين أو آلات..
وبهدوء نسم ودي أليف لدى المحبين.. ينسحبان إلى أعلى الشجرة.. ويغمى على الشابين..
ويستغرق الأمر دقائق معدودات.. وتعود الشجرة إلى هيأتها الطبيعية.. ويختفي الشاب والفتاة.. وفي دهشة وهلع؛ يركض الشابين الصغيرين.. غير مصدقين مايتم؛ ويكتمل أمام بصريهما..
لم يتفوه (مایكل) أو (جون) إلى أحد بما حدث.. ولم يستطيعا النوم مجددا.. فخرجا ليلتقيا بمنتصف الطريق.. ويذهبان مرة أخرى نحو الشجرة؛ ليجلسا ويشاهدا ما حدث بالأمس يتكرر.. .
وظلا على هذه الحال عدة أسابيع؛ إلى أن سقطا مريضين.. وأحضر ذويهما قس من الكنيسة.. وحينها روى المراهقين ما حدث؛ فسألهما القس:
. لم لم يقا ما حدث من قبل على أحد..؟
فأجاباه نفس الإجابة، عندما زار كل منهما على حدى.. فقد قال له (مایكل):
. بأنه لا يعرف لماذا لم يتمكن من قبل من سرد تلك الرواية.. وإنما كان يشعر بأنه سوف يموت إن أخبر أحد بما حصل..!
ونفس الكلام سمعه القس من (جون).. وبالفعل مات (مایكل) .. ولحق به صديقه.. وكان من يعلم بالقصة هو القس فقط..
والحقيقة هي أن كل البلدة؛ كانت تعرف بالقصة.. ولكنهم تناقلوها فيما بينهم في صمت..
والقصة بطلتها الحسناء الشابة الجميلة (دوروثي سوثورث)؛ بنت أحد رجال الحاشية في بلاط الملكة إليزابيث الأولى.. تلك الحسناء ابنة الحسب والنسب؛ أحبت و عشقت.. وجاء رزق ربها مخالفة لهوی والدها.. الرجل النبيل، الذي يرى حبيبها؛ شابا فقيرا من عامة الشعب.. لا يليق بهم كعائلة.. ولا يجب أن يسمح لهما بتلك العلاقة..
ويذهب العاشق ليطلب يد حبيبته من والدها.. ولكن الأخير ينهره ويطرده من المنزل.. وبالطبع لم يسمح الأب لابنته أن تتزوج من هذا الصعلوك؛ من وجهة نظره..
وفي القرية الصغيرة بالريفيرا بانجلترا؛ كلما سنحت لهما الفرصة كانا العاشقان يلتقيان في الغابة.. وفي البلدة الصغيرة؛ لا يختبئ فيها شيء.. وينتشر خبر لقاءات العاشقين.. حتى تصل لمسامع الأب..
فيقرر أن يحبس ابنته بالمنزل.. ويفرض عليها؛ ألا تخرج من غرفتها قط.. والطعام والشراب يقدمان لها من خلف الباب مثل الكلاب.. فهي قيد أسر.. بالإضافة إلى حرمان شرع حب..
وتمر الأيام.. ويرق قلوب من بالقصر للابنة العاشقة. فكانوا يخرجونها خلسة؛ لتلقي الحبيب يوميا في الغابة.. وعلمت الفتاة بأن والدها سوف يسافر إلى خارج انجلترا.. فتتفق وحبيبها أن يهربا؛ ويتزوجا في مكان بعيد عن بلدتهم.. وقررا اللقاء عند الشجرة؛ التي التقيا عندها أول مرة..
وتتأهب الفتاة طوال الليل؛ وهي تحضر ثيابها.. وترتدي فستان زفافها؛ وفي اليوم التالي.. تذهب للقاء عشيقها، وتجده ينتظرها أسفل الشجرة؛ برفقة صديقين له.. ففرحت للقائه.. ولكن فجأة .. تشاهده يسقط أسفل الشجرة مخضبا بدمائه.. بعد أن
غرس شقيقها نصل سيفه في قلب الحبيب وصديقيه.. وتفقد وعيها.. ويدفن شقيقها الجثث أسفل الشجرة..
ظلت الفتاة ممتنعه عن الطعام والشراب.. حتى يقرر والدها أن تغادر البلاد.. ثم أرسل بعد فترة بعض النساء من العائلة.. وعندما عدن؛ أخبرنه بأنها كادت أن تنسى قصة عشقها.. وغيبت حبيبها عن حاضر عالمها.. ولكنها تطلب أن تذهب للشجرة مرة واحدة فقط؛ ليكون آخر لقاء.. وتبدأ حياتها من جديد.. وتطوى هذه الصفحة من حياتها..وتعود بجوار أبيها كما كانت قرة عينه.. ودرة القصر..
وافق الأب على طلب ابنته.. وتتزين الفتاة الشابة.. وتعود ترتدی ثوب زفافها مرة أخرى.. وتأخذ طريقها نحو ريح لقاء حبيبه.. وتحتضن الشجرة.. وتقبل الثري تحتها؛ حيث دفن حبيبها.. وتفض عذب نهر حبها من بين ضفاف عينيها.. وتنهار روحها..
وما إن شاهد الأب ابنته في هذا الوضع.. وهي تترقد أمام عينيه على صلیب عشق.. حتى غرس السيف في قلبها.. ربما ليريحها من لوعة وعذاب شديد تعلق.. غالب على أمر روحها.. و.. وفشلت في التخلص منه.. ولتضيء الشجرة فجأة.. وكأنها نار مشتعلة.. لتنطوي بذلك قصة العاشقين.. وتظل الشجرة تروي قصتهما مساءات كل يوم.. عندما يعلن الغروب نهاية نهارات ذات اليوم.. حيث قتلا وفنا أسفلها..
ولا يهم الزمان.. ولا يعني المكان.. ولا جدوى من الأسماء.. أليس هي نفسها قصة الحب التي طرحناها بالأمس في حلقات؛ والتي لم تكتمل بين المهندس الشاب نجل حارس العمارة البسيط.. والشابة سليلة العائلة البترولية.. والتي لا تزل على حبه.. وتأبى والدتها أن توافق وتبارك زواجهما.. فاستقرت الأدواء بجسد الحسناء الشابة.. وتهاوت روحها حزن وإعياء..
ويغادر البسم الجميل محيا الشاب.. الذي تفخر به كل أسرة مصرية.. ويظل وفيا لذاك الحب.. وينتظر فعل الزمن.. وتغيير رأي الأم.. ولا تزل (شجرة العشق) ثابتة.. التي كان يتابع من وراء نافذة مكتبه حبيبته عند مغادرتها الشركة التي تعمل بها..
هي هي نفس القصة.. ونفس حكى الواقع.. وهي هي الحياة مجرد قصة.. .
ويأتي غد.. هو هو نفس اليوم الذي يلي الأمس.. وقصة حب لم تكتمل
وعلى الخير نلتقى؛ إن شاء لنا الله في العمر بقية..