11:46 pm 05/10/2019
| رأي
| 4459
تبدأ ذكرياتي مع نصر اكتوبر منذ يوم الاثنين ٥يونيو ١٩٦٧، مع جلجلة احمد سعيد في الاذاعة عن بيانات الانتصار واصطياد الطيران الاسرائيلي كالذباب. قمنا بعدها يوم الخميس ٨ يونيو علي كابوس اعلان جمال عبد الناصر مسئوليته عن النكسة ، وهزيمة الجيش في معركة لم يخضها. أراد عبد الناصر ان يتحمل الهزيمة وحده كي لا تتفكك الأمة، واستطاع بذكائه ان يجمع الشعب في ملحمه وطنية رائعة يومي ١٠،٩ يونيو، ليفيق المارد من كبوته، وتبدا القوات المسلحة في تجميع قواها لتلقن العدو الاسرائيلي اولي دروس الاستنزاف في الساعات الأولى من صباح 1 يوليو 1967 ، وبعد ثلاثة أسابيع من النكسة ، تقدمت قوة مدرعة إسرائيلية من القنطرة شرق في اتجاه الشمال بغرض الوصول إلى ضاحية بور فؤاد المواجهة لمدينة بورسعيد على الضفة الشرقية لقناة السويس كان الهدف احتلال بور فؤاد، التي كانت المنطقة الوحيدة في سيناء التي لم تحتلها إسرائيل أثناء عمليات حرب يونيو 1967 ، وتهديد بورسعيد ووضعها تحت رحمة الاحتلال الإسرائيلي ، قام مقاتلو الصاعقة آنذاك وكان عددهم ثلاثين من الكتيبة «43» بعمل خط دفاعي أمام القوات الإسرائيلية المتقدمة والتي شملت ثلاث دبابات مدعمة بقوة مشاة ميكانيكية في عربات نصف جنزير، وقامت بالهجوم على قوة الصاعقة التي تشبثت بمواقعها بصلابة وأمكنها تدمير ثلاث دبابات معادية.
وعلى صعيد رد الفعل الإسرائيلي بعد معركة “رأس العش”، قامت القوات الإسرائيلية يوم 4 يوليو 1967، بمحاولة فاشلة لإنزال لنشات وقوارب في قناة السويس، في مناطق: القنطرة، وكبريت، والشط، وبور توفيق؛ لإبراز سيطرتها على القناة؛ إلا أن القوات المصرية تصدت لها في البر والبحر والجو؛ ما أدى إلى إفشال جميع المحاولات، وأصيب لإسرائيل ثمان طائرات وثمانية زوارق بحرية، فضلاً عن إصابة وتدمير 19 دبابة، و18 مركبة مدرعة، و27 مركبة محملة بالذخائر، إضافة إلى خسائر كبيرة في الأفراد، وكانت خسائر القوات المصرية: 25 شهيدًا، و108 جرحى، وثلاث طائرات، وزورقان بحريان.
أيضاً، شهدت الفترة التي تلت حرب يونيو 1967 وحتى أوائل أغسطس 1970، أنشطة قتالية بحرية بين الجانبين وكان كلاهما يهدف إلى أحداث أكبر خسائر في القوات البحرية للطرف الآخر بغرض إحراز التفوق والحصول على السيطرة البحرية.
كان دخول المدمرة ايلات ومعها زوارق الطوربيد من نوع جولدن، ليلة 11/12 يوليه 1967 داخل مدى المدفعية الساحلية في بورسعيد، بمثابة استفزاز للجيش المصري، وعندما تصدت لها زوارق الطوربيد المصرية فتحت ايلات على الزوارق وابلا من النيران ولم تكتف بذلك بل استمرت في العربدة داخل المياة الإقليمية المصرية ليلة 21 أكتوبر 1967 في تحد سافر مما تطلب من البحرية المصرية ضبطا بالغا للنفس إلى أن صدرت توجيهات إلى قيادة القوات البحرية بتدمير المدمرة ايلات.
وفي يوم 21 أكتوبر 1967، تمكنت زوارق صواريخ البحرية المصرية من إغراق المدمرة إيلات في منطقة شمال شرق بورسعيد، وكانت هذه المعركة بمثابة أول استخدام لصواريخ “سطح سطح”، ونتج عنها خسارة فادحة للقوات البحرية الإسرائيلية، خاصة وأن هذه المدمرة كانت تمثل أهمية كبيرة للبحرية الإسرائيلية في ذلك الوقت، كما كانت خسائرها كبيرة في الأرواح؛ الأمر الذي دفعها لاستئذان مصر عن طريق الأمم المتحدة في البحث عن القتلى والغرقى، في منطقة التدمير شمال بورسعيد، واستمرت في عمليات البحث والإنقاذ أكثر من 48 ساعة بعد أن وافقت مصر على ذلك.
عشت كل هذه الذكريات عن قرب، حيث كنت أقيم في الزقازيق (شرقية) خط الدفاع الاول بعد مدن القناة ، وكان الطيران الاسرائيلي يخترق حاجز الصوت في الليل وحيت الصباح حتي يبث الرعب واليأس في قلوبنا، الا ان نظرات الضباط والجنود كانت مطمئنة، وجاشت صدمة موت الزعيم في سبتمبر ١٩٧٠، ليشتد العزم وتتكاتف الجهود والهموم للأخذ بالثار. وبعد تدريبات وخداع مكثف، وفي يوم السبت ٦ اكتوبر الموافق ١٠ رمضان الساعة الثانية بعد الظهر، جاء البيان الاول معلنا عبور قواتنا المسلحة - باسم الله - لقناه السويس علي طول الجبهة واشتداد المعارك. كنا في حالة ترقب حذر خشية تكرار الهزيمة، خاصة مع تردي الأوضاع الاقتصادية وتعرض البلاد لازمات تموينية حادة، الا ان نصر الله جاء في موعده، لينقذ الامة من الهزيمة واليأس لتبدأ بعدها مصر مرحلة البناء - بناء النفس والبلد. كانت الفترة ما بين حرب ٦٧ وحرب ٧٣ صعبة جداً. طوابير العيش علي الأفران وطوابير المواد التموينية علي الجمعيات وانقطاع الكهرباء والمياه وتعطل التليفونات، ونقص الوقود، الا ان إيمان الشعب المصري بأن نصر الله ات كان قوياً، ونجح الجيش في رد الكرامة وحفظ البلاد.
كاتب المقال المهندس اسامه كمال وزير البترول الأسبق