11:31 pm 05/10/2019
| رأي
| 2403
(( ربما جاء يوم نجلس فيه معًا لا لكي نتفاخر ونتباهى ولكن لكي نتذكّر وندرس ونُعلّم أولادنا وأحفادنا جيلًا بعد جيل قصة الكفاح ومشاقه مرارة الهزيمة وآلامها وحلاوة النصر وآماله ))
واليوم نحن أبناءه وأحفاده نتذكر ونتباهى بنصر أكتوبر المجيد في الذكري السادسة والأربعين ونترحم علي بطل الحرب وشهيد السلام في ذكري اغتياله الثامنة والثلاثين.
السادات، ثالث رئيس للجمهورية ، حكم مصر في الفترة ما بين عامي ١٩٧٠: ١٩٨١، والذي إنتهت فترة حكمه بإغتياله أثناء حضوره العرض العسكري للذكرى الثامنة لإنتصارات حرب أكتوبر أمام النصب التذكاري للجندى المجهول بمدينة نصر، ليلحق السادات بأبنائه من شهداء حرب أكتوبر، ويتوارى جسده أمام هرم الشهداء النصب التذكاري الذي نُقشَت عليه الحروف الأولى لأسماء جميع شهداء الحرب.
عاش أنور السادات عمره من أجل مصر ومات من أجلها، وتعد رحلة كفاحه صورة نابضة بالحب لشعبه ولوطنه، كما سطرها التاريخ منذ مولده وحتى إستشهاده.
استمرت فترة ولاية الرئيس الراحل السادات لمصر 11 سنة، اتخذ خلالها العديد من القرارات التاريخية الخطيرة التي هزت مصر والعالم، وأثبتت الأحداث صلابة السادات في مواجهتها ومرونته الفائقة في العمل على تفادى مصر المخاطر الجسيمة، حيث بنى استراتيجيته في اتخاذ القرارات على قاعدة تاريخية منسوبة إليه وهى «لا يصح إلا الصحيح»، ويذكر التاريخ أن السادات تمتع بالذكاء والفطنة وسرعة البديهة، وإجادة قراءة الواقع والاطلاع عليه، وكثرة قراءة التاريخ واستشراف المستقبل، وتأمل تاريخ الحروب والصراعات السياسية على مر العصور.
ومن أبرز القرارات التي اتخذها السادات عام 1971 القضاء على مراكز القوى في مصر وهو ما عرف بثورة التصحيح، وفى ذات العام أصدر السادات قرارا بإعداد دستور جديد لمصر، وتم الاستغناء عن جميع الخبراء السوفييت في أسبوع واحد لإعادة الثقة بالنفس لجيش مصر وكجزء هام من معركة الخداع الإستراتيجي للعدو ، حتى إذا ما كسب المصريون المعركة ضد إسرائيل لا ينسب الفضل إلى غيرهم.
وفى عام 1973 أقدم السادات على اتخاذ واحد من أخطر القرارات المصيرية التي اتخذها، وهو قرار الحرب ضد إسرائيل، وتمكن بخطة محكمة وشاملة للخداع الاستراتيجي من هزيمة إسرائيل في حرب أكتوبر ١٩٧٣ بعد ثلاث سنوات فقط من بداية حكمه، وبهذا قاد السادات مصر إلى أول انتصار عسكري في العصر الحديث.
ومثلما احتاج قرار الحرب شجاعة نصف رجال العالم ، فقد احتاج قرار السلام شجاعة النصف الآخر وفعلها السادات واستطاع التفاوض مع إسرائيل ، التفاوض من موقع المنتصر، فأجبرها على السلام وعلى إعادة الأرض المصرية، مشددا على أن حرب أكتوبر هي آخر الحروب، حيث رسم انتصار القوات المسلحة المصرية في ٦ أكتوبر خط النهاية في حرب دامت لأكثر من ربع قرن.
وفي عام ١٩٧٥ قرر السادات رسم معالم جديدة لنهضة مصر بعد الحرب بانفتاحها على العالم، فكان قرار الانفتاح الاقتصادي، وفي عام 1976 أعاد السادات لمصر الحياة الديمقراطية التي بشرت بها ثورة ٢٣ يوليو ولم تتمكن من تطبيقها، فكان قراره بعودة الحياة الحزبية، فظهرت المنابر السياسية، ومن رحم هذه التجربة ظهر أول حزب سياسي في مصر، وهو الحزب الوطني الديمقراطي كأول مولود حزبي كامل النمو بعد الثورة، ثم توالى بعد ذلك ظهور أحزاب أخرى كحزب الوفد الجديد وحزب التجمع الوحدوي التقدمى وغيرها.
وشهد عام 1977 اتخاذ الرئيس السادات قراره الشجاع الذي اهتزت له أركان الدنيا بزيارة القدس ليمنح بذلك السلام هبة منه لشعبه وعدوه في آن واحد، ويدفع بيده عجلة السلام بين مصر وإسرائيل، ولهذا استحق بجدارة لقب «رجل الحرب والسلام».
وفى عام ١٩٧٩ قام السادات برحلته إلى الولايات المتحدة الأمريكية من أجل التفاوض لاسترداد الأرض وتحقيق السلام كمطلب شرعى لكل إنسان، وخلال هذه الرحلة وقع اتفاقية السلام في كامب ديفيد برعاية الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر، وبموجبها حصل على جائزة نوبل للسلام، مناصفة مع رئيس وزراء الإسرائيلى مناحم بيجن، تقديرًا وتكريمًا لتوقيعهما على معاهدة السلام.
ولنتذكر جميعاً كلماته الخالدة (( واني لأقول بغير ادعاء ان التاريخ سوف يسجل لهذه الامة ان نكستها لم تكن سقوطا وانما كانت كبوة عارضة، وان حركتها لم تكن فورانا وانما كانت ارتفاعا شاهقا )) الشهيد البطل محمد أنور السادات .