07:30 pm 24/09/2019
| رأي
| 3381
أثمن ما في الوجود هو الوطن، الذي يضحي الإنسان بحياته دفاعاً عن ترابه ، لأنه يستمد منه انتمائه وكيانه الإنساني، وأصعب شيء على النفس البشرية أن تكتب عن شيء ضاع منها، فهو الوطن حينما تكون بعيداً عنه وتتمنى النظر والعيش بين مناظره الطبيعية الخلابة، وسمائه وغيومه، شمسه، قمره، سهوله، طيوره، أشجاره، وزهوره الجميله، وأهله البسطاء، وكرمهم الوفير، فالوطن هو الأم التي ترعانا ونرعاها، وهو الأسرة التي ننعم بدفئها، فلا معنى للأسرة دون الوطن، فهو الأمن والسكينة والحرية، وهو الانتماء، والوفاء، والتضحية، الوطن هو أقرب الأماكن إلى قلبي، ففيه أهلي، وأصدقائي. وحبي لوطني يدفعني إلى الجدّ والاجتهاد، والحرص على طلب العلم والسعي لآجله، كي أصبح يوماً ما شابه نافعه أخدم وطني وأنفعه، وأرد إليه بعض أفضاله عليه، الوطن له حقوق عديدة، له علينا أن نحفظ ماءه الذي طالما ارتوينا به، الحفاظ على أرضه التي طالما تعبنا ونحن نلعب فوقها ونمشي عليها، تلك الأرض التي وفّرت لنا غذاءنا، والتي لطالما سحرتنا بجمالها الخلاب، وخضرتها الرائعة التي لهونا في ربوعها، يجب علينا أن نحمي سماءها التي لطالما لعبنا تحتها، وتنشقنا هواءها، يجب علينا أن نعمل على حمايته، والحفاظ على جماله، فعندما نتغنى ونسحر بجماله، يجب علينا أن نعمل لنحافظ على جماله، بل لنزيده. بعد كل ما سبق ذكره فإنّه من الواجب علينا كردٍ لهذا الجميل الكبير أن نفديه بأرواحنا، أن نجود بدمائنا لأجله، أن نقدم كل غالٍ ونفيس من أجل الحفاظ على حريته واستقراره، وأن نمنع كل تحدٍ يعوق دون رخائه، حتى لو اضّطهدت في وطنك، حتى وإن ظُلمت في وطنك، يبقى هو الحضن الدافئ الذي يضمك، يقول في ذلك الشاعر: "بلادي وإن جارت عليّ عزيزة"وحتى يتحقق حب الوطن عند الإنسان لا بُد من تحقق صدق الانتماء إلى الدين أولاً، ثم الوطن ثانياً، إذ إن تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف تحُث الإنسان على حب الوطن، ولعل خير دليلٍ على ذلك ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه وقف يُخاطب مكة المكرمة مودّعاً لها وهي وطنه الذي أُخرج منه، فقد روي عن عبد الله بن عباسٍ رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكة: (ما أطيبكِ من بلد، وأحبَّكِ إليَّ، ولولا أن قومي أخرجوني منكِ ما سكنتُ غيركِ).فا واجب كل وطنى التصدّي لكل أمر يترتب عليه الإخلال بأمن وسلامة الوطن، والعمل على رد ذلك بمختلف الوسائل والإمكانيات الممكنة والمُتاحة. الدفاع عن الوطن عند الحاجة إلى ذلك بالقول أو العمل. من الطبيعي أن أي إنسان حرّ يكون محٌباً لوطنه، مخلصاً له، غيوراً عليه بغض النظر عن ديانته أو جنسيته، وهذه صفة حسنة عند بني البشر جميعهم، فالوطن هو مصدر عزّة وفخر لكل وطنى حر فلا لأى مؤامرة تهز بلادى وتهدد استقرارها.