للاعلان

Mon,25 Nov 2024

عثمان علام

محمد العليمي يكتب : أبي إشتقتُ إليك.

محمد العليمي يكتب : أبي إشتقتُ إليك.

09:04 pm 16/09/2019

| رأي

| 2412


أقرأ أيضا: Test

دائماً أقول أنا لا أشبه أبي، وإبني لا يشبهني، وأبي يختلف عن جدي، فلا أحد يشبه الآخر ، كثيرون هم البشر، ومُعقدة حكاياتهم ، قصص نُسجت حول البعض منهم، وقصص نسَجها آخرون بأنفسهم، فلا مخلوق يشبه غيره تماماً ولانُسخة تَلد مثلها على مستوى البشر، الجميع يحمل بصمته الخاصة ويرسم صورته وحده دون غيره.

لكنني أيقنت بخطأ إعتقادي كلياً، فعلى الرغم من كوننا لا نشبه بعضنا البعض إلا أننا نحمل في طيات أرواحنا بعض صفات ممن هم حولنا، فأنا أحمل روح أبي في تصرفاتي، رضيت أم أبيت ! 

صوتي يشبه صوته، وفي عينيّ شيء من بريق عينيه يلمع في مرآتي كلما نظرت لأعماق ملامحي، كلما إخترقت روحي وثقبت في نفسي ثقباً يطل على ما هو أعمق يختلس النظر لكائن يسكن نفسي.

بعض تصرفاتي وردود أفعالي مع أبنائي تشبه ماكنت أنكره على أبي، نفس نظرة اللوم الموجهة قصداً بعد كل عصيان لأوامره، رفضه المتكرر لرحلات مدرسية ، خوفه الشديد وحرصه وتحفظه على الكثير من أصدقائي وتمسكه بالبعض الآخر، نفس تساؤلاته أكررها بنفس النمط واللفظ وحركة اليدين المصاحبة لكل فعل.

دائماً كنت أعتقد انه لا يحبنا بقدر ما نحبه ، ولكني وبعد فوات الآوان أدركت أنه كان مصدر الأمان ، الذي برحيله نفتقد السند والأمن والآمان مهما كانت أعمارنا .

يسكنني أبي ويسكن أبي روح جدي وتقبع بعض ملامحي وصفاتي في سلوك أبنائي، وهكذا دائماً تفوح رائحة أبائنا من نفوسنا.

أدركت مؤخراً أنني أدور في فلك أبي، أحب أولادي بطريقتي الخاصة ولا يمكنني أن أحبهم بطريقتهم هم، أخاف عليهم بطريقتي أنا، وكما يروق لي، ولايمكنني سماع مبرراتهم لأفعال أرفضها.

لم أتوقف يوماً لتذكر رفضي لأسلوب أبي في حبي والخوف علي ولكنني تذكرت كلماته الدائمة “ياولدي حين تصبح أباً ستعرف ما أفعله وستقدر مشاعري وستعرف كم أحببتك ” كلمات لم أعرف معناها أو أقدر قيمتها إلا حين أصبحت أباً .

على الرغم من حنان أمهاتنا وتضحيتهن ، إلا أن الأب سيظل أباً، يحبك بشكل مختلف ويخاف بطريقته الخاصة ويظل الأبناء يتأففون من هذا الحب الذي يصفونه بأنه خانق إلا أننا لا ندرك حب أبائنا إلا بعد لحظة الفراق ولا ندرك حجم الفراغ الذي يتركه الأب إلا بعد فوات الآوان .

أقولها لأبنائي ليتهم يعرفون ، ولكنني أدرك أنهم لن يعوها حالياً فلكل مرحلة عمرية متطلباتها وإيجابياتها وسلبياتها، ولكنهم حتماً سيدركون يوماً قيمة ما كان معهم وبينهم وقت لن ينفع ولن يجدي غير الدعاء الذي سننتظره ، فسلام ورحمة علي أرواح أبائنا لعل يوماً يتذكرنا أبنائنا .

أقرأ أيضا: توقيع اتفاقيتين للمساهمة المجتمعية لقطاع البترول في دعم الرعاية الصحية بمطروح وبورسعيد

التعليقات

أستطلاع الرأي

هل تؤيد ضم الشركات متشابهة النشاط الواحد ؟