نجح منجم السكري في لفت أنظار العالم إلى مصر كنمر تعديني قادم يزخر بثروات معدنية لم تزل في باطن الأرض مما طرح سؤالا ملحا عن قصة هذا النجاح بعد هذه السنوات ؟ وما السر وراء ارتفاع الاحتياطي للمنجم مؤخرا وسرعة انتاجه ؟ في البداية قال د. على بركات رئيس مجلس إدارة شركة السكري الشريك المصري للمستثمر الأجنبي بالمنجم أنه تتم مراجعة خطط العمل بطريقة دائمة يومية ووضع الحلول لأي مشكلات طارئة قد تؤثر على سير الخطط الموضوعة سلفا من قبل الخبراء في مجال استخراج الخام من المنجم وطريقة استخلاص الذهب من خاماته التي تتم في المصنع العملاق الذي يعالج قرابة 10 ملايين طن سنويا من الخام ليستخلص حوالي 15 طن ذهب وفضة سنويا.
في منتصف عام 2015 قمنا بدراسة الدراسات التي قدمتها شركات كبرى في مجال استخراج واستخلاص الذهب من منجم السكري والتى بناء عليها تم تصميم المناجم والمصانع بالمشروع وهي دراسات غاية في الدقة والاتقان ومنها تعرف على أهم مشكلة تحد من معدلات استخلاص الذهب من خاماته وهي مشكلة تواجه جميع مناجم الذهب التي يكون فيها الخام الحامل للذهب من النوع الكبريتيدي وحيث أن خام الذهب الرئيسي في السكري هو من الكبريتيدات فإن أهم مشكلة تحد من زيادة معدلات الاستخلاص هي أكسدة الكبريتيدات وأكسدة الكبريتيدات إما قديمة وذلك من جراء تعرض الخام قبل إستخراجه للعوامل الجوية وإما حديثة من تعرض الخام بعد إستخراجه من المنجم وقبل دخوله في المصنع للعوامل الجوية وقد بينت الدراسات المعدنية الأكاديمية أن أكسدة الخام من هذا النوع تبدأ من الثانية الأولى لتعرضه للعوامل الجوية حيث تتكون غلالة رقيقة تقاس بالميكرون لتزداد مع الوقت لتصل لبضع أجزاء من الملليمترات.
والغلالة الرقيقة التى تتكون حول حبيبات الخام تكون من أكاسيد الحديد التي تعيق الكيماويات المستخدمة في الاستخلاص من الوصول لحبيبات الذهب الدقيقة التي لا يزيد حجمها عن بضع ميكرومترات وبالتالي تزيد من كميات السيانيد المستخدمة في المعالجة وتحد من معدلات الاستخلاص ذاتها بمعني أن الخام الذي يحتوي الطن منه على جرام ذهب لا تزيد معدلات استخلاص الذهب منه على 86 % أي أن الطن يستخلص منه فقط في المتوسط 86, جرام (860 ميللي جرام فقط) والباقي يخرج مع المخلفات التي تخزن في مكان معد بعناية لذلك.
ومع الانخفاض الحاد في أسعار الذهب في عام 2015 الذي وصل إلى 500 دولار في الأوقية فقد أصبح من الضروري البحث عن وسائل حاسمة لخفض تكلفة إنتاج أوقية الذهب من منجم السكري حتى يظل هامش الربح المحقق في المجال الآمن ويتحقق استرداد تكاليف المشروع في التوقيتات المحسوبة والمقدرة لذلك كي يتحقق إقتسام الارباح بين شركة سنتامين والحكومة في مجاله الزمني المحدد ولا يتأخر كثيرا.
فما العمل إذن؟
رأت الشركة دراسة إمكانية تقليل معدلات أكسدة الخام المستخرج من المنجم وذلك بإدخاله للمصنع في أقل وقت ممكن وعدم تركه لفترات طويلة قبل عمليات المعالجة وذلك من شأنه أن يرفع من معدلات الاستخلاص ويقلل تكلفة إنتاج الأوقية تغلبا على انخفاض أسعار الذهب مخاطبا في هذا الشأن العالم الجليل الأستاذ سامي الراجحي الذي رحب بالفكرة ووعد بوضعها أمام الفنيين المختصين في المشروع للدراسة.
لقد فتحت هذه الفكرة البسيطة (وغير المكلفة على الإطلاق) أعين الفنيين المختصين بالمشروع في العمل على تطوير الكيماويات المستخدمة في معالجة الخام إضافة للحد من تعرض الخام بعد إستخراجه من المنجم للعوامل الجوية وكان من نتيجة اعتماد البحث العلمي ودراسة الافكار العلمية تقليل كميات السيانيد المستهلكة في عمليات الاستخلاص لحوالي 50% تقريبا ورفع معدلات الاستخلاص لتصل لقرابة 89 % الأمر الذي حقق انخفاضا محسوسا في تكلفة إنتاج أوقية الذهب ويستمر تحقيق هامش الربح الآمن الذي مكن الشركة من توزيع الارباح على الشريكين مع بداية الربع الأخير من عام 2016