الكاتب : د - درية شرف الدين |
08:56 pm 28/08/2019
| رأي
| 2590
لأنه المتنفس الصيفى الأكثر شهرة فى مصر الآن، فقد أصبح الساحل الشمالى مثار الأحاديث والأقاويل والانتقادات، وكذلك الاحتفالات والفعاليات التى يراها البعض مناسبة ولا يراها البعض كذلك. حفل محمد رمضان الأخير هناك، يُقال إن حضوره كان خمسين ألفًا، معظمهم من الشباب، وبالأخص من فئة المراهقين الذين أصبح محمد رمضان بالنسبة لهم مثالًا يُقلدون حركاته ويرددون كلماته ويشاهدون بكل الشغف نموره وأسوده وسياراته الفارهة وقصوره الوارفة، ويرون فيه نموذجًا للنجاح الباهر، ويتطلعون لأن يحذوا حذوه ويشقوا نفس طريقه وطريقته فى الحياة، حتى وإن رأى جيل الكبار من الآباء والأمهات غير ذلك.
ظهر محمد رمضان فى بدايته كممثل فى أدوار ثانوية، ورأى هو فى نفسه مقدمة لأحمد زكى جديد - فقط - لأنهما يتشاركان فى لون البشرة السمراء، لكنه - بالقطع - انحرف عن طريق القدير أحمد زكى، الذى كان يدقق فى اختياره لأدواره المتنوعة، والذى كان يمتلك موهبة جبارة قلما تتكرر، واكتفى محمد رمضان بأدوار شجيع السيما الجديد الذى لا يهزمه أحد، وساعدته لياقته البدنية فى تجسيد أدوار بطل الحارة الذى يجاهد بالسيف والسكين ويعتلى الأسوار ويقفز فوق ظهور الخيل وينقذ الضعيف، حتى لو اضطر أن يتخلص من الجميع بالضرب والقتل والمطاردة، وأصبحت له مفرداته اللغوية الخاصة التى يرددها الكثيرون إعجابًا وانبهارًا بنمبر وان.. إلى هنا نستطيع أن نقر ونعترف بأن محمد رمضان استطاع أن ينافس فى الصفوف الأولى على إيرادات الأفلام وعدد المشاهدين - وكفى - أو كنا نظن ذلك إلى أن ظهر محمد رمضان فى عالم الغناء.
يظهر محمد رمضان - غالبًا - عارى الصدر أو مرتديًا قمصانًا شفافة وأزياء برّاقة، جالسًا فى هودج فوق أكتاف شباب فى مثل سنه، لكن فى غير حظه، أو طائرًا فوق رؤوس الحاضرين، محاطًا بالراقصين والراقصات مستلبًا الدهشة والانبهار بصرف النظر عما يُغنى. اقتنع - ولا حرج عليه هو بالذات - بأنه مطرب وأنه عالمى، وما المانع وقد نال شهرة وجنى مالًا وفيرًا ويأتى إلى حفله الآلاف وتُسخر لفرقته أكبر مسارح البلد؟!.
هذا عنه.. ماذا عنا- نحن الناس، الشعب، المؤسسات الثقافية والنقابات الفنية ودورهم الواجب فى حماية الإبداع الحقيقى صيانةً للذوق العام وحفاظًا على البقية الباقية من قوة مصر الناعمة، سينما ومسرح وأدب وأغنية؟.. لا يمكن لشعب أن يستمر فى اجترار ذكرى فنونه التى كانت تملأ البلاد وما حولها بهجة ورقيًّا وإبداعيًا فنيًّا حقيقيًّا، وأن نكتفى بالتأسى والامتعاض. الأمر خطير ومؤلم لكنه ليس عصيًّا على العلاج.