الكاتب : عثمان علام |
06:52 pm 17/02/2022
| 3956
رحل المهندس محمد مؤنس وحمل معه النموذج الطيب لقيادات كنا نحكي ونتحاكي بهم وعنهم في قطاع البترول ، رحل المهندس مؤنس لكنه ترك لنا ذكريات محفورةً فى الذاكرة ، رحلة أمتدت لعشرات السنين ، عشناها وعاصرناها صغاراً وكباراً ، غير أنه ترك لنا جيلاً من القيادات ، كلهم خلفاءه فى دماثة الخُلق والعمل الجاد والإنجاز .
أذكر عندما رن هاتفي في عام 2011 ، من المتصل ؟، إنه المهندس محمد مؤنس ، تحدثت اليه وزرته بمكتبه ووضعت يدي في يده ، ومنذ هذه اللحظة أستمرت علاقتنا ، محفوفةً بالمحبة والود والأحترام المتبادل ، لم ينقطع هو عن السؤال حتى بعد خروجه للمعاش ، ولم أنقطع أنا عنه بالسؤال ، من تلميذ لأستاذه ، لطالما تعلمت منه أدوات العمل البترولي وكيف أصيغ معلومة فنية في قالب صحفي .
أصطحبني معه فى العديد من المرات للحقول ، رأيت وكتبت وسطرت العديد من المقالات لاتزال محفورةً فى الذاكرة ومسطرةً عبر صفحات الصحف .
أحزنني خبر رحيله مثلما أحزن آلاف العاملين بالقطاع ، صغاراً وكبارا ، تلاميذ وزملاء ، وكيف لا وكان أول المعزين عندما رحل والدي، وكان أول المبادرين عندما رحلت والدتي ، وكيف لا أحزن وكان حضنه قبل مكتبه مفتوحاً لي في أي وقت .
إن العديد من الناس يرحلون ، والكثير من البشر يذهبون ، لكنهم قليلون من يتركون فينا الأثر الطيب الرائع الذي خلفه المهندس محمد مؤنس .
وقد ظل "رحمه الله "، منذ رحيل فلذة كبده ، مكلوماً حزيناً متأثراً ، وكانت الدنيا في نظره لم تكن ولا كانت ، ولا أظن أنه ذاق حلاوة شيئ منذ وقت الرحيل ، ولا اقترنت الأبتسامة بجبينه ، ولم يكن يعبئ بشيئ ، لكنه كان يعافر مع الدنيا مثله مثل أولئك الذين يعيشون حياةً بلا حياة .
وقد رحل المهندس مؤنس ، وطالما أن هناك شمس تطلع وتغيب ، وطالما أن مياه النيل تجري ، وطالما أن ليل يأتي وينجلي بصبح ، وهكذا هي حياة البشر ، يولدون ويكبرون ويعافرون ويجدون ويكدون ، ثم يرحلون في صمت ، الفرق الوحيد تلك السيرة التي يخلفها كل شخص ورأه …رحم الله المهندس محمد مؤنس ، وجعل حزنه على رحيل نجله جناح يمتطيه إلى جنة الخُلد ..وإنا لله وإنا إليه راجعون .