الكاتب : عثمان علام |
04:47 pm 16/09/2021
| 4013
أنا أسألك : من هو أعظم شخص فى التاريخ ؟…قد يتبادر إلى ذهنك عشرات وربما مئات الأشخاص ، وستعود إلى الوراء لتتذكر من الذي اكتشف المصباح الكهربائي ومن الذي بنى برج إيڤل ومن الذي اخترع الحمام الأفرنجي ومن الذي أسس أمريكا معقل الحريات ومن الذي بنى السد العالي ومن الذي ألف موسوعة قصص الأطفال ، وقد يتبادر إلى ذهنك مؤسس أبل لحبك فى الأيفون ، أو جيمس بوند ، أو تسارع بالإجابة بأن أعظم شخص هو الذي أخترع السيارة أو القطار الكهربائي أو حفر الأنفاق أو حتى مخترع وجبات كنتاكي .
كل شخص قد يتبادر إلى ذهنه شخص ما يراه عظيماً ، وقد يكون أباه أو أمه أو شخص ما أثدى إليه نصيحه أو عينه في وظيفة أو منحه مالاً أو بيتاً أو منصباً ، أو قد يكون سقراط أو أفلاطون أو نابليون أو هتلر أو طلعت حرب أو انديرا غاندي أو ملكات الإغراء أو جميلات البرازيل .
العقلاء لهم معايير أخرى ، وأعين أخرى ، هم يرون مالا يراه الأخرون .
ومنذ أكثر من 39 عاماً صدر كتاب "الخالدون مئة أعظمهم محمد"، للكاتب الغربي اليهودى الأمريكى مايكل هارت، وترجمه الى العربية الكاتب الراحل "أنيس منصور"، وقد أثار الكتاب الجدل بعد أن وضع مايكل هارت سيدنا محمد على رأس القائمة ليكون الشخصية الأكثر تأثيراً فى التاريخ الإنسانى ، وهو إنصاف من رجل غربى انحاز بشجاعة للحقيقة التي نراها نحن المسلمون .
#للاشتـــراك_فـــي_قنـــاة_المستقبـــل_البتــــرولي_علي_اليوتيـوب
https://www.youtube.com/channel/UCX0_dxgnzuKWZhfjljA8V6A
واختار "مايكل هارت" قائمته بمنهج علمى بحت ، عن مدى تأثير شخصيات تاريخية على مسار الاحداث وقد انتقده المعارضون لأختيار المؤلف للزعيم النازى "هتلر"والزعيم السوفيتى "ستالين" من بين الشخصيات الأكثر تأثيراً على الرغم من تاريخهما الدموى ، هم يرون أنهم لا يستحقون .
ويقر المؤلف بأنه جمع أفضل 100 شخصية أثرت فى مسار التاريخ ، ومحمد "ص"، هو أعظم هذه الشخصيات على الاطلاق، واعتمد فى تقييمه على درجة التأثير، ويصفهم بترتيب تفوقهم فى هذا التأثير من رقم واحد وحتى رقم مائة، ووضع النبى محمد فى المرتبة الأولى ووضع المسيح فى المرتبة الثالثة وموسى فى المرتبة السادسة عشر.
ويقول مايكل هارت (والحديث لأنيس منصور فى مقدمة الكتاب): أنه عندما كان الفيلسوف الفرنسى "فولتير" فى بريطانيا اشترك فى مناقشة موضوع: من هو الأعظم: الامبراطور الرومانى يوليوس قيصر أم القائد الاغريقى الاسكندر الأكبر أم القائد المغولى تيمور لينك أم الزعيم البريطانى كرومل؟، وكان الرد على السؤال أن قال أحد المتناقشين: بل أعظم الجميع: العالم الرياضى البريطانى اسحاق نيوتن، وكان رد فولتير: فعلاً نيوتن أعظم لأنه يحكم عقولنا بالمنطق والصدق وهؤلاء يستعبدون عقولنا بالعنف ولذلك يستحق عظيم الاحترام.
ولكن أسباب العظمة والتأثير عند "مايكل هارت" مختلفة عن قياس الفيلسوف الفرنسى "فولتير"، فهو يختار سيدنا محمد على رأس المئة شخصية لأسباب أخرى معللاً ذلك: إن اختيارى لمحمد ليأتى فى المرتبة الأولى من قائمة أكثر شخصيات العالم تأثيراً فى البشرية قد يدهش بعض القراء وقد يعترض عليه البعض ولكنه كان الرجل الوحيد فى التاريخ الذى حقق نجاحاً بارزاً على كل المستويات .
وقد أتبع "مايكل هارت"مؤلف الكتاب أسساً محددة فى ترتيب الشخصيات ووضع شروط لاختياره منها: أن تكون الشخصية حقيقية عاشت فعلاً، وأن تكون الشخصية غير مجهولة، فهناك مجهولون عباقرة مثل أول من اخترع الكتابة لكنه مجهول، وأن يكون الشخص عميق الأثر وأن يكون له تأثير عالمى وليس إقليمي ، بالإضافة إلى أنه استبعد كل من كان قيد الحياة.
ويقول "مايكل هارت" عن الرسول : أن أكثر من اخترتهم فى كتابى هذا ولدوا فى شعوب متحضرة سياسياً وفكرياً إلا هو "ص"، ولد فى مكة والتى تعتبر منطقة متخلفة من العالم القديم بعيدة عن الحضارة والثقافة والفن.
ويقص "مايكل هارت" قصة الرسول ابتدأً من نشأته يتيماً من الأب وماتت أمه وهو فى سن السادسة ، وفى سن 25 تزوج السيدة "خديجة " وقد كان أهل مكة يعبدون الأصنام وبعض أهلها كان يدينون باليهودية والمسيحية ، وفى الأربعين من عمره امتلأ قلبه بالأيمان وأن الله واحداً أحد ونزل عليه وحياً من السماء ثم اذن له الله بالهجرة لما أشتد أذى أهله ، وهاجر الى المدينة ، وناصره الكثيرون هناك، وخاض عدة حروب مع الكفار وانتصر عليهم وانتهت تلك الغزوات بفتح مكة ودخوله اليهادون قتال.
وعن أهل شبه الجزيرة العربية يقول مايكل هارت (وكان البدو من أهل شبه الجزيرة العربية، مشهورين بشراستهم وكانوا ممزقين أيضا رغم أنهم قليلوا العدد ، ولم تكن لهم قوة أو سطوة العرب الذين فى الشمال، ولكن الرسول استطاع ولأول مرة فى التاريخ أن يوحد بينهم ويهديهم الى الإله الواحد، واستطاعت جيوش المسلمين الصغيرة أن تقوم بأعظم غزوات عرفتها البشرية فاتسعت الأرض تحت أقدامهم من شمال الجزيرة العربية وشملت الامبراطورية الفارسية والى الشمال الغربى واكتسحت بيزنطة والامبراطورية الرومانية الشرقية، وكان العرب أقل بكثير من كل الدول التى غزوها وانتصروا عليها.
وحسبما تقول الباحثة الاسلامية"ريم أبو الفضل"، يرى "هارت"، أن قيمة الإنسان وخلوده تنبع من عظمة الأثر الذى تركه خلفه، ولذلك فهو يرى أن العظماء والساسة أهم من رجال الفن والأدب والعلم، ومن هنا يرى مايكل هارت أن محمد يستحق أن يكون على رأس قائمة الخالدين للأسباب التالية:
أن محمد له تأثير فى التاريخ، فهو القوة الدافعة وراء الفتوحات العربية، ويمكن تصنيفه كأشد الناس تأثيراً فى التاريخ ، وأن محمد لم يكن قائدًا دينيًا فحسب ، بل كان أيضًا قائدًا فى شئون الدنيا.
هذا بالإضافة إلى أن محمد عندما بدأ رسالته أمن به صاحبه وعلي الطفل وزوجته ، دعوته بدأت بثلاثة نفر ، وبعد أكثر من 1440 عام ، أصبح تعداد المسلمين يقارب ال2 مليار ، وهذا يعني أنه رسول صادق ، فلا يمكن لكذبة أن تعيش كل هذا الوقت .
ولايوجد بين صفحات الكتاب، والمائة شخصية التى حددها "مايكل هارت" من المسلمين والعرب سوى سيدنا عمر بن الخطاب ، حيث أحتل المركز الواحد والخمسون فرغم قلة خبرة الكاتب بالثقافة العربية ، إلا أنه صنف عمر بن الخطاب ضمن العظماء المائة واستند فى دفاعه عن قراره الى فترة حكمه التى تمتد الى 10 سنوات والفتوحات العظيمة التى تمت فى عهده وما تبعها من انتشار للاسلام ، ولقيم الخير والعدل التى ساهم فى نشرها ، كما استند إلى قوة شخصيته وذكائه وأخلاقه الرفيعة وعدله .
أما مايكل هارت ، فهو فيزيائي فلكي يهودي أمريكي، وقد وصف نفسه بأنه "انفصالي عرقي مناصر للبيض"، فاقترح عام 1996 تقسيم الولايات المتحدة إلى أربع دويلات: دويلة للبيض ودويلة للسود ودويلة للهسبان السمر ودويلة للأعراق المختلطة.
تخيلوا رجلاً هذه صفاته ويختار النبي محمد أعظم رجل فى التاريخ ، ألا يستحق ذلك الفخر بديننا ونبينا "ص" ؟